جهاد مرعي: حل مختلف الأزمات السورية يبدأ بتطبيق القرارات الأممية

التدخل الروسي والإيراني دفع إلى تعطيل الحل وتعقيده

جهاد مرعي

رأى عضو هيئة التفاوض السورية جهاد مرعي، في مقابلة مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن المجتمع الدولي ككل يتمسك بتطبيق القرارات الأممية كمدخل للحل السياسي في سوريا، معتبراً أن التدخل الروسي والإيراني دفع إلى تعطيل الحل وتعقيده.


وعن الجدل الحاصل بخصوص انتخابات شمال وشرق سوريا، اعتبر أنه ترسيخ لما أسماه بمبدأ الانفصال والتقسيم.


وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:
س – عبّرتم عن رفضكم القاطع لانتخابات شرق سوريا التي تأجلت، ودعوتم أصدقاء سوريا إلى منعها، لماذا ترفضون هذه الانتخابات برغم تأكيد الإدارة الذاتية أنها متمسكة بالانتماء السوري؟
‎رفضت هيئة التفاوض السورية بالإضافة إلى رفضها من غالبية الشعب السوري والقوى السياسية والمحلية ما تسمى انتخابات التي كانت تنوي الإدارة الذاتية إقامتها في شمال شرق سوريا لأسباب عديدة، على رأسها أن الإدارة الذاتية تحتل المحافظات السورية الشرقية بقوة السلاح، وهي بالتالي سلطة غير شرعية وتتعامل بمنطق القوة والقمع وسلطة الأمر الواقع، ولا يحق لها أن تفرض انتخابات محلية على السوريين في أي منطقة، كذلك لأن أية انتخابات في سوريا يجب أن تتم بعد تحقيق الحل السياسي وتحقيق الانتقال السياسي الديمقراطي عبر تنفيذ القرارات الأممية ذات الصلة، وهذا هو حال هذه الانتخابات الهزيلة التي كانت الإدارة الذاتية تنوي إقامتها في جو من الهيمنة والتخويف والتهديد.
‎كذلك لا يمكن أن تُقيم هذه الإدارة المرتبطة عضوياً بميليشيا حزب العمال الكردستاني الإرهابية انتخابات، وهي تُعتبر ترسيخاً لنهج التقسيم والرغبة بالانفصال الذي تُمارسه الإدارة الذاتية في مناطق شمال شرق سوريا منذ سنوات.
‎أما القول بأن هذه الإدارة الذاتية تتمسّك بالانتماء السوري فهو قول غير صحيح، كما تحدثنا عن تحكم ميليشيا ب ك ك بقرار مسد وقسد، وهذه الميليشيا هي التي تدير هذه المناطق بشكل مباشر عبر كوادرها الأجنبية غير السورية، لأن من يتمسك بالانتماء السوري عليه التعاون والحوار مع بقية السوريين، وعدم ممارسة السلطة بشكل فردي، والعمل مع جميع القوى والأطراف بنفس المستوى والحقوق، وعدم استخدام القوة للسيطرة وطرد الشركاء وفرض إيديولوجيا غير سورية، وعليه أيضاً القبول بالديمقراطية الكاملة والشفافة، وعدم نهب الثروات الطبيعية السورية التي هي ملك لكل السوريين، وعدم انتهاك حقوق الإنسان، ووقف تجنيد الأطفال، ووقف القمع والاعتقال بدون محاكمات، وعدم تفضيل الهوية القومية على الهوية الوطنية، والقبول بالحل السياسي الذي أقرّته القوانين الدولية والقرارات الأممية وعلى رأسها بيان جنيف والقراران 2118 و 2254.
س – لا يمكن أن يكون هناك حل في سوريا خارج إطار تطبيق بيان جنيف والقرارين الأمميين 2254 و 2118، هذا ما تؤكد عليه المعارضة التي تتهم النظام بالتعطيل ضمن دوامة الاتهامات المتبادلة، أين الحل إذاً، وهل بات صعباً تطبيق تلك القرارات؟
‎تطبيق بيان جنيف والقرار الأممي 2254 و2118 ليس ما تؤكد عليه فقط هيئة التفاوض السورية، بل يؤكد عليه كل المجتمع الدولي، ولم تُتهم هيئة التفاوض يوماً بأنها تُماطل أو تُعطّل تطبيق هذه القرارات، بل النظام وحده من يقوم بتعطيل وعرقلة الجهود الدولية للتوصل إلى حل سياسي وتسانده روسيا وإيران، وهذا أمر معروف بتفاصيله وعلانيته للجميع، وبسبب مواقف النظام السوري وحلفائه صار الحل السياسي يتطلب جهوداً دولية مشتركة وتعاوناً واسع النطاق لإيجاد آليات مُلزمة لتطبيق القرارات من أجل المضي قدماً بالحل السياسي وتحقيق السلام والاستقرار في سوريا، لقد بات المجتمع الدولي بأسره بحاجة لتحمّل مسؤوليته والضغط المشترك على جميع الأطراف المعنية لتطبيق قرارات الأمم المتحدة وبيان جنيف بشكل كامل وصارم، والذي يُعتبر الحل السياسي الوحيد القابل للاستدامة.
س – تتحدث بعض المصادر عن مسار آخر للجنة الدستورية قد تحتضنه الرياض، هل ترون مساعي “إقليمية ودولية” لإفشال أعمال اللجنة الدستورية؟
‎ما زالت اللجنة الدستورية السورية تحظى حتى الآن بدعم دولي وإقليمي وعربي، كجزء من الحل السياسي للقضية السورية، وتوقفت اجتماعات اللجنة بسبب إصرار روسيا على تغيير مكان انعقادها، وقد تجاوبت هيئة التفاوض مع اقتراحات المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون ووافقت على أن تُعقد هذه الاجتماعات في أي دولة فيها مقر رئيسي للأمم المتحدة، لكن النظام وروسيا يرفضون كل اقتراح جدّي وبنّاء.
‎المشكلة بالنسبة لاجتماعات اللجنة الدستورية ليس المكان، وإنما الآليات والمنهج والنتائج والجدّية، فقد طالبت هيئة التفاوض من المبعوث الأممي أن يكون هناك تطوير منهجية العمل في اللجنة حتى تتمكن من تحقيق ولايتها في كتابة دستور جديد لسوريا وفق ما أقرّ القرار الأممي 2254، وبحيث تؤدي هذه المنهجية إلى منع أي طرف من التهرب والمماطلة، لكن روسيا والنظام السوري رأيا أن الأسهل بالنسبة لهما التذرّع بمكان انعقاد اللجنة كوسيلة للتهرب من الالتزامات والاستحقاقات.
‎كان هناك طرح لجعل مدينة الرياض مكاناً لاحتضان عمل اللجنة الدستورية، هيئة التفاوض السورية رحبت أن تحتضن الرياض هذه الاجتماعات، لكن حتى الآن لم يبد النظام السوري رأيه في هذا المقترح.
س – دائماً ما تُتّهم هيئة التفاوض والمعارضة عموماً بالتقصير في الدفع بحلحلة النزاع في سوريا، أين قصّرت المعارضة؟ ولماذا لا تجتمع حول مشروع موجود يخدم البلد وأبنائه، لماذا تظل سوريا رهينة القرار الدولي وحبيسة الدول الفاعلة في الأزمة؟
‎المشروع الذي تتفق عليه كافة أطراف المعارضة السورية هو بيان جنيف والقراران الدوليان 2118 و2254، وليس هناك خلاف حولها، وهذا المسار للحل يجمع كل أطياف المعارضة السورية وكل القوى المؤمنة بالتغير الديمقراطي في سوريا، ونحن نعمل دائماً على أن يكون القرار سورياً بحتاً قائماً على المصلحة الوطنية السورية، لكن تعطيل النظام للحل السياسي، وتدخلات روسيا وإيران، وعدم الالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولي، بل عدم رغبة النظام وحلفائه بالتوصل إلى حل سياسي للقضية السورية ورغبتهم باستمرار الحل العسكري هو المشكلة الكبرى وهو ما يعرقل خلاص سوريا وشعبها من المأساة التي تسبب بها نظام الأسد.
س – يواجه العديد من السوريين الذين فرّوا من الحرب وعاشوا انتهاكات وتجاوزات جسيمة لحقوق الإنسان عند عودتهم إلى سوريا حسب تقرير لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، أين المجتمع الدولي الذي لم يتمكن من الحصول على ضمانات للعودة الآمنة دون تجاوزات؟
‎لا يمكن أن يكون هناك عودة آمنة للاجئين السوريين دون أن يكون هناك حل سياسي، فالمطلوب أن يعودوا بأمان وكرامة إلى بيوتهم ومساكنهم التي هجروا منها في ظل بيئة آمنة ومحايدة تحققها هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات، فجميع من يعود قسرياً يتعرض لمخاطر جمّة، كالاستجواب والاعتقال والتهجير الجديد والتعذيب وصولاً إلى الإخفاء القسري في أقبية سجون النظام.
‎تؤمن هيئة التفاوض السورية بأن العودة الآمنة والكريمة هي حق لكل اللاجئين السوريين، وتُصرّ على المضي قدماً بالحل السياسي المنسجم مع بيان جنيف والقرارات الأممية ذات الصلة لأنه الوسيلة الوحيدة القادرة على تأمين عودة آمنة وكريمة للجميع، ويجب أن يُمارس المجتمع الدولي كل الضغوط الممكنة حتى لا يستمر الاستنزاف السوري ويستمر اللجوء والهروب إلى ما لا نهاية.
‎عودة اللاجئين السوريين إلى سوريا في ظل نظام ديكتاتوري عنيف مرفوضة من قبل الجميع، ويتطلب حلاً سياسياً يوفّر ضمانات دولية ووضعاً أمنياً مستقراً وحماية كاملة لحقوق الإنسان وخدمات أساسية، وهذه يمكن تأمينها عبر هيئة حكم انتقالي ذات صلاحيات كاملة تقود المرحلة الانتقالية والحل السياسي، وتنقل سوريا إلى دولة القانون والمواطنة والعدالة، وهو ما يريده السوريون.

المرصد السوري لحقوق الإنسان

جميع الحقوق محفوظة © 2024 هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية